نموج تحليل قولة في مفهوم وجود الغير .
"ان وجود الانا هو اساسا وجود مع الغير ,فلا يستطيع الانا اثبات وجوده اذا انعدم الغير ".
ان الفلسفة مند ظهورها في بلاد اليونان قد اهتمت بالكائن البشري ,و تطرقت لجميع القضايا الشائكة التي تعترض وجوده, سواءا الوجودية اوالسياسية او المعرفية او الاخلاقية و القولة الماثلة امامنا لا تختلف عن هذه القاعدة ,فمن خلال المفاهيم المركزية المؤسسة لها (الوجود,الغير,الانا) يتضح لنا انها تتاطر ضمن مجال عام الوضع البشري و الحديث عن هذا الاخير هو الحديث عن الواقع الانساني اي طبيعة الوجود من جميع المستويات الفكرية ,و الثقافية ,والاجتماعية وهو معطى تتداخل في تشكيله مجموعة من العناصر من قبيل ,الانا,الغير,ااثبات الذات. و العلاقة الشائكة بينهما و تسلط الضوء على مفهوم الغيروهو انا اخر يشبهني في كونه ذات واعية ,عاقلة, قادرة على التمييز بين الشر و الخيروالصدق و الكذب. و تعالج قضية فلسفية تعددت حولها التصورات الفلسفية و تباينت. الامر يتعلق بوجود الغير. فوجوده يمكن ان يكون ضروريا لتحقق الانا ادراكها بذاتها .,و يمكن ان يكون تهديد و افراغا من الكينونة .
و منهنا يمكننا ان نطرح عدة تساؤلات فلسفية تسعفنا في التحليل : ما الغير؟ ما الانا ؟ هل وجود الغير يمنع الانا من تحقيق واثبات ذاتها ام انها في حاجة اليه لتدرك نفسها؟
للاجابة عن الاشكاليات المطروحة اعلاه نقدم اطروحة مركزية مفادها ان وجود الانا يقتضي وجود الغير, فالانا لايمكن ان تثبت ذاتها الا اذا كان الغير موجودا خاصة ان بينهما صلة وثيقة لا يمكن تجاوزها ابدا,و هذا الغير هو الذي يضفي معنى على حياتها . و يساعدها في اكتشاف كينونتها .
تتكون البنية المفاهمية لهذه القولة من عدة مفاهيم اساسية شكلت العلاقة بينهما اساسا للاطروحة :
من اهم هذه المفاهيم نجد الوجود ويعنى به الكون بجميع ظواهره الطبيعية ,وكل شيء انبثق من هذا العالم .
ووجود الغير يقصد به وجوده كذات و ليس كموضوع .
و مفهوم الغير ويعني انا اخر يشبهني في كونه ذات عاقلة و واعية ويختلف عني في الوقت نفسه .
اما الانا فتعني الذات العاقلة العارفة لنفسها و تتحمل مسؤولية افعالها قانونيا و اخلاقيا.
وتربط بين هذه المفاهيم علاقة ترابط لان الغيرهو عنصر محوري و اساسي في و جود الانا لا تستطيع اثبات نفسها الا بوجوده اي لتتعرف على الاحاسيس و المشاعر مثلا و الاحساس بالتفوق و النجاح فلولا وجود هذا الغير الذي يعترف لنا بذلك و يهنؤنا عليه لما كنا لنعرف طعم النجاح, و بالتالي فالغير ضروري بشكل كبير في حياة الانا و هذا ما يدافع عنه بول سارتر في قولته:"الغير هو الوسيط الذي لا غنى عنه بيني و بين نفسي".
تكمن هذه القولة التي بين ايدينا في كونها تقدم موقفا فلسفيا وجوديا , فهي تدافع عن اهمية و جود الغير في الوجود الانساني ,باعتبارهما من الفصيلة نفسها و يتشاركان و يلتقيان في مجموعة من النقط . ولتاييد هذه الاطروحة نجد الفيلسوف جون بول سارتر, الذي يؤكد ان وجود الغير ضروري لوجود الانا ليتمكن من معرفة ذاتها,و اثبات وجودها , ويرى ان رغم ان الغير يحد من حرية الانا و يفقدها عفويتها و هلكنه الوسط الذي لا غنى عنه .
طما نجد الفيلسوف هيجل الذي يؤكد على ضرورة وجود الغيرلوجود الانا و في رايه ان الانا و الغير يسعيان لفرض السيادة و الهيمنة على الاخر, لكن هذا الاعتراف لا يمنح بشكل سلمي ,و انما عبر دخولهما في صراع حتى الموت, لكن الموت الفعلي لا يخقق هذا الاعتراف, و انما يحققه الاستسلام اي استسلام احدهما ,و قبوله العيش كعبد للاخر .
و لمقاربة هذا الاشكال نستحضر موقف الفيلسوف العقلاني رونيه ديكارت,الذي يرى و يؤكد ان وجود الغير غير ضروري لوجود الانا, مادامت انها تستطيع تحقيق ذاتها, و اثبات وجودها بمعزل عن الاخر ,فمن خلال تجربة الشك , التي اوصللته الى الكوجيطو "انا افكر اذا انا موجود", فعاشت الانا الديكارتية في عزلة انطلوجيا بعيدا عن الاخرين فوجود الغير اذا افتراضي يقبل الشك.
من خلال ما سبق ,نستخلص ان اشكالية "وجود الغير".عرفت نقاشا حادا بين قلة من الفلاسفة و المفكرين الكبار ,فقد افرزت هذه النقاشات مجموعة من الاراء التعارضة ,اذ نجد الفيلسوفين "هيجل"و" جون بول سارتر" يؤكدان على ضرورة وجود الغير لوجود الانا مادام يضفي معنى حياتها و من جهة اخرى نجد "ديكارت", الذي ينفي هذا الوجود للغير في حيات الانا مادامت تملك عقلا , ونحن كدارسين لهذا الموضوع ,نرى ان موقف الفيلسوفين هيجل و سارتر على صواب,لانه صهو الاقرب للواقع لاننا دائما ما نسعى ال وجود الغير في حياتنا ,لانه يجعلنا نتعرف على ذواتنا و قدراتنا و انجازاتنا و, ومنه فاذا كان بالنسبة لوجود الغير مذا سنقول عن معرفة الغير , هل ممكنة ام مستحيلة؟.